Brand: TAKWEEN
MODEL: 9789921808179
العوالم الثلاثة - مذكرات يهودي - عربي | آفي شلايم
Store finder
إن الصهيونية أيديولوجية أوربية المنشأ والأفق ومركزها وبؤرتها الجمعية اليهودية الأوربية حصرًا. ولم يكن اليهود العرب، وغير الأوربيين عمومًا، على خارطتها، أو على سلم أولوياتها أصلًا، حتى إن استقدامهم فيما بعد إلى فلسطين كان أداتيًّا بحتًا وللحاجة إلى رأسمال بشري. وكان هناك امتعاضٌ وتردّدٌ في الجدالات التي تنضح عنصرية بين النخب الصهيونية الأشكنازية من عواقب استقدام يهود شرقيين يرون على أنّهم سيجلبون معهم التخلّف والأمراض. يظل الجرح الأعمق في ذاكرة اليهود العراقيين الجمعية، بعد تهجيرهم، هو قيام السلطات في إسرائيل برشهم بالمبيدات بعد هبوط الطائرات التي كانت تقلهم من العراق.
كان آڤي شلايم، مؤلف هذا الكتاب المهمّ، طفلًا في الخامسة من عمره، حين هاجرت عائلته إلى فلسطين. ولم يكن اسمه «آڤي»، آنذاك، بل «أبراهام». لقد دفع اليهود العراقيون والعرب والشرقيون عمومًا، أثمانًا باهظة بعد نزوحهم إلى إسرائيل. فإضافة إلى خسارة وطنهم وبيوتهم وممتلكاتهم، كان عليهم أن يتأقلموا مع مجتمع عنصري تحكمه تراتبية تتربع على قمتها الثقافة الأوربية التي تزدري ثقافتهم وعاداتهم وطقوسهم. كانت ضريبة الاندماج والانتماء هي الانسلاخ الثقافي المؤلم، الذي يبدأ بتغيير الأسماء، ويتطلّب فقدان الذاكرة أو طمسها وإسكات أصواتها، وتمثّل قيم المجتمع الجديد. التمثّل الذي قد يصل أحيانًا إلى كره الذات والشعور بالعار والتنصل من ماضٍ يتعارض مع السردية الصهيونية الأوربية التي تُهيكل الأسطورة القومية وإنكاره. فلم تكن هذه البلاد المسروقة «فردوسًا موعودًا» لليهود العرب والشرقيين، كما هي للأوربيين الهاربين من محرقة، ومن غربٍ ظَلَّ يكرههم ويلاحقهم بشراسة وصدّر عنصريته إلى بلادنا وثقافتنا التي يُسقِط عليها اليوم عنصريته المتجذّرة. أجبر معظم اليهود العراقيين على ترك «جنّة مال الله» وراءهم. ولم يسمح لهم بأن يحملوا معهم من تلك الجنة إلا الحقائب. لكنهم حملوا ذاكرتهم وتاريخهم وهناك من حافظ عليه وحماه مما قد يشوهه أو يطمسه.
د. سنان أنطون، شاعر وروائي عراقي
إن الصهيونية أيديولوجية أوربية المنشأ والأفق ومركزها وبؤرتها الجمعية اليهودية الأوربية حصرًا. ولم يكن اليهود العرب، وغير الأوربيين عمومًا، على خارطتها، أو على سلم أولوياتها أصلًا، حتى إن استقدامهم فيما بعد إلى فلسطين كان أداتيًّا بحتًا وللحاجة إلى رأسمال بشري. وكان هناك امتعاضٌ وتردّدٌ في الجدالات التي تنضح عنصرية بين النخب الصهيونية الأشكنازية من عواقب استقدام يهود شرقيين يرون على أنّهم سيجلبون معهم التخلّف والأمراض. يظل الجرح الأعمق في ذاكرة اليهود العراقيين الجمعية، بعد تهجيرهم، هو قيام السلطات في إسرائيل برشهم بالمبيدات بعد هبوط الطائرات التي كانت تقلهم من العراق.
كان آڤي شلايم، مؤلف هذا الكتاب المهمّ، طفلًا في الخامسة من عمره، حين هاجرت عائلته إلى فلسطين. ولم يكن اسمه «آڤي»، آنذاك، بل «أبراهام». لقد دفع اليهود العراقيون والعرب والشرقيون عمومًا، أثمانًا باهظة بعد نزوحهم إلى إسرائيل. فإضافة إلى خسارة وطنهم وبيوتهم وممتلكاتهم، كان عليهم أن يتأقلموا مع مجتمع عنصري تحكمه تراتبية تتربع على قمتها الثقافة الأوربية التي تزدري ثقافتهم وعاداتهم وطقوسهم. كانت ضريبة الاندماج والانتماء هي الانسلاخ الثقافي المؤلم، الذي يبدأ بتغيير الأسماء، ويتطلّب فقدان الذاكرة أو طمسها وإسكات أصواتها، وتمثّل قيم المجتمع الجديد. التمثّل الذي قد يصل أحيانًا إلى كره الذات والشعور بالعار والتنصل من ماضٍ يتعارض مع السردية الصهيونية الأوربية التي تُهيكل الأسطورة القومية وإنكاره. فلم تكن هذه البلاد المسروقة «فردوسًا موعودًا» لليهود العرب والشرقيين، كما هي للأوربيين الهاربين من محرقة، ومن غربٍ ظَلَّ يكرههم ويلاحقهم بشراسة وصدّر عنصريته إلى بلادنا وثقافتنا التي يُسقِط عليها اليوم عنصريته المتجذّرة. أجبر معظم اليهود العراقيين على ترك «جنّة مال الله» وراءهم. ولم يسمح لهم بأن يحملوا معهم من تلك الجنة إلا الحقائب. لكنهم حملوا ذاكرتهم وتاريخهم وهناك من حافظ عليه وحماه مما قد يشوهه أو يطمسه.
د. سنان أنطون، شاعر وروائي عراقي